دراسة علمية تؤكد: أن الضغط يمكن أن يحرض على ظهور الشعر الرمادي (الشيب)

  • تاريخ النشر: الإثنين، 27 يناير 2020
دراسة علمية تؤكد: أن الضغط يمكن أن يحرض على ظهور الشعر الرمادي

دراسة علمية تؤكد: أن الضغط يمكن أن يحرض على ظهور الشعر الرمادي

أكدَّ العلماء أن الضغط النفسي يمكن أن يُحرض على ظهور الشعر الرمادي. استطاعت العالمة Hsu برفقة زملائها ان تكتشف السبب لبيولوجي وراء ارتباط الضغط النفسي بتغيير لون الشعر.

دراسة علمية تؤكد: أن الضغط يمكن أن يحرض على ظهور الشعر الرمادي (الشيب)

عندما بدأت البروفيسورة Ya-Chieh Hsu المختصة بعلم البيولوجيا المتجددة والخلايا الجذعية في جامعة هارفارد الى جانب جمعية هارفارد للخلايا الجذعية بالبحث عن السبب الرئيسي وراء ظهور الشيب اختارت المتهم الأكثر وضوحاً ألا وهو الضغط النفسي. هناك العديد من الأمثلة التاريخية عن العلاقة بين الضغط النفسي وظهور الشيب فمن المعروف ان شعر الملكة الفرنسية ماري أنطوانيت تحول الى اللون الرمادي بعد ان تم اعتقالها من طرف الثوار الفرنسيين كما ربطت الدراسات بين الضغط وظهور الشهر الرمادي لدى بعض الحيوانات. لكن وللمرة الأولى، اكتشفت Hsu مع زملائها السبب البيولوجي وراء تصبغ لون الشعر بسبب الضغط النفسي. 

دراسة علمية تؤكد: أن الضغط يمكن أن يحرض على ظهور الشعر الرمادي (الشيب)

ضمن دراسة نُشرت في مجلة Nature أكدت Hsu وفريقها أن عملية ظهور الشيب تبدأ مع الجملة العصبية الودية التي تنظم عمل جميع عمليات الجسم الدقيقة مثل نبضات القلب والتنفس وهضم الطعام ومحاربة الجراثيم. كما أنها المسؤولة عن رد فعل (الكر و الفر) الذي يساعدنا على التمييز والاستجابة الى الخطر قبل التفكير بذلك. ترتبط الجملة العصبية الودية باستجابتنا للضغط النفسي ومن هذا المنطلق لن نتفاجأ من العلاقة بين تلك الجملة العصبية وتغير لون الشعر.

لكن استجابة الجملة العصبية الودية للضغط النفسي تعد بمثابة الخيار الأخير الذي يُفعَل في الحالات الخطيرة فقط أو عندما تكون استجابة باقي الأنظمة الحيوية بطيئة او معطلة. فعلى سبيل المثال، لا تُفعل هذه الميزة عندما يعمل أحدهم على مشروع ما أو عندما نكون قلقين بشأن خطاب عام او مقابلة عمل. ذلك لأن الطاقة المختزنة لتفعيل رد فعل (الكر و الفر) لا يمكن صرفها على هذه المواقف البسيطة التي يمكن ان تتولى أمرها أحد الأنظمة الحيوية الأخرى (الغير مسؤولة عن الحالات الخطيرة). 

 3 طرق لاخفاء الشيب

شاهدي أيضاً: 3 طرق لاخفاء الشيب

وهذا ما ركزت عليه البروفيسورة Hsu منذ البداية. فعلى حد تعبيرها، إذا كان الضغط النفسي يولد الشعر الرمادي فالأمر مرتبط بالجهاز المناعي الذي يُطلق خلايا مهاجمة للخلايا المسؤولة عن توليد اللون في جريبات الشعر او يمكن أن يحرض الضغط النفسي توليد هرمونات مثل الكورتيزول من الغدد الكظرية. فعلى سبيل التجربة، قامت البروفيسورة بتحريض الضغط النفسي عند الفئران عبر حقنهم بمركب يدعى resiniferatoxin والذي يقوم برفع معدل الهرمونات المسؤولة عن الضغط النفسي عند الحيوانات. تضمن هذه العملية طريقة مضمونة لتحريض الاستجابة للضغط النفسي.  تعد هذه الطريقة واحدة من ضمن عدة طرق استخدمها الفريق مثل استخدام القيود وقلب اقفاص الفئران وتبليل الأرضية وتغيير الإضاءة. تُظهر الفئران التي تفتقر للخلايا المناعية والغدد الكظرية تغيراً في لون شعرها بعد حقنها بحقن الضغط النفسي الزائف.

لكن عندما التفتت البروفيسورة Hsu إلى الجملة العصبية الودية وجدت أنها يمكن ان تسبب ضرراً دائماً لمجموعة من الخلايا المسؤولة عن لون الشعر. وعبرت البروفيسورة عن ذلك: " لقد تفاجئنا بهذا الاكتشاف، فالجملة العصبية الودية كانت من ضمن آخر الخيارات التي كنا سنفكر بها على الاطلاق. كنا نعلم ان هذه الجملة تُفعل تحت الضغط وبالتالي فهي بمثابة نظام الطوارئ في الجسم.  فرد فعل الكر والفر الذي تكونه الجملة الودية هي استجابة انعكاسية سريعة الزوال بمجرد زوال الخطر. لكن على عكس ذلك، وجدت البروفيسورة أن الجملة العصبية الودية يمكن ان تستنزف حشداً من الخلايا الجذعية بأكمله."

ان الخلايا التي تستهدفها الجملة العصبية الودية أثناء حدوث الضغط النفسي هي مجموعة من الخلايا الجذعية المولدة للون والتي توجد في عمق نتوء جريبات الشعر التي ينمو منها الشعر الجديد. تدعى هذه الخلايا بالخلايا الجذعية الميلانينية والتي تنشط أثناء نمو بصيلات الشعر داخل الجريبات: تبدأ هذه الخلايا الجذعية الميلانينية بالانقسام لتوليد الخلايا المنتجة للصباغ التي تقوم بتلوين الشعر أثناء نموه.

وجدت البروفيسورة Hsu أن الجملة العصبية الودية تكون نشيطة حتى خلال الضغط النفسي الطبيعي، بحيث تفرز الجملة مادة النورأَبِينِفْرين الكيميائية التي تؤدي الى زيادة انقباض العضلات ومن ضمنها عضلة القلب. واستجابة للنورأَبِينِفْرين الذي تضخه الجملة العصبية الودية تقوم الخلايا الجذعية الميلانينية بإنتاج أكثر من حاجة الجسم للصباغ وبالتالي تخطئ هذه الخلايا بقراءة ايعاز نمو الشعر الجديد لتستبدله بإيعاز الاستجابة للضغط النفسي. نتيجة للضغط النفسي المتكرر سينفذ مخزون الصباغ من الخلايا الميلانينية وبالتالي لن تستطيع انتاج اللون في الشعر بعد ذلك: "تعتبر الخلايا الجذعية الميلانينية مسؤولة عن الحفاظ على الخلايا المنتجة للصباغ والموجودة داخل جريبات الشعر وهي الخلايا الوحيدة القادرة على انتاج اللون في الجسم. وبمجرد أن ينتهي مخزونها من الصباغ ستختفي هذه الخلايا للأبد، ونتيجة لذلك سيتجرد الشعر من اللون ويصبح رمادياً."  

ان العلاقة بين الضغط النفسي والجهاز العصبي والخلايا المنتجة للصباغ هي علاقة موجودة لدى أغلب الأجناس فعلى سبيل المثال: يتغير لون الكائنات المتعددة الأطراف مثل الاخطبوط والحبار تحت الضغط. بالرغم من ان هذه الدراسة ليست كاملة بعد إلا أن الحيوانات الثدية تستجيب لهذا الموضوع إنما بطريقة عكسية. وبالتالي تشير كل تلك الدراسات الى ان الضغط النفسي يؤثر على سائر الجسم قد تكون هنالك تأثيرات أخرى لم يتوصل اليها الأطباء والعلماء بعد. إن فهم تأثيرات الضغط النفسي على الخلايا الجذعية المسؤولة عن انتاج جميع الخلايا في جسم الإنسان من الخلايا الجلدية إلى خلايا الدم والشعر يمكن أن يمنحنا تفسيرات عن أفضل طرق للتعامل مع الضغط النفسي وقد نتمكن من ان نكبر ونشيخ بطريقة صحية في المستقبل. “لا يمكن تجنب الضغط النفسي في الحياة العصرية لكننا لا نعي كيف يؤثر على بيولوجية الخلايا الجذعية. يعد موضوع لون الشعر بداية جيدة لفهم ذلك لان تغيير لون الشعر يعد من أكثر الأمور وضوحاً في جسم الإنسان. لكن الخلايا الجذعية الأخرى وأعضاء جسم الانسان يمكن ان تستجيب لإشارات الجملة العصبية الودية بشكل مختلف وبطريقة لم نكتشفها الى حد الآن."

بناءً على هذه الدراسات، من الممكن ان نجد طريقة للحفاظ على الخلايا الجذعية الميلانينية او التحكم بتأثيرات الجملة العصبية الودية على أعداد تلك الخلايا الميلانينية. لكن في الوقت الراهن، "لا يوجد علاج متوفر حالياً. وقد  يتطلب الأمر الكثير من الدراسات و الأبحاث للوصول لحل ما."

تم نشر هذا المقال مسبقاً على تاجكِ. لمشاهدة المقال الأصلي، انقري هنا