بقلم: رشا الصباح
سيدريك شاربي، الرئيس التنفيذي لعلامة بالنسياغا، يرد على الأسئلة حول الحملة الإعلانية الخاصة بالعلامة.
تم ترسيخ مكانة بالنسياغا في صناعة الأزياء منذ أيام كريستوبال بالنسياغا. وقد تميزت العلامة على مر السنين بكونها تتخطى الحدود وتجعل الناس منقسمين حول أنماطها المميزة.
في عام 2015، تم تعيين ديمنا مديراً إبداعياً للعلامة التجارية وقد نجح في قيادة بالنسياغا لتصبح واحدة من أكثر العلامات التجارية نجاحاً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتصميمات المبتكرة والغريبة. حيث أصبحت تصاميمه تحظى بشعبية كبيرة في عالم الموضة الفاخرة.
أما سيدريك شاربي، فقد تم تعيينه في منصب الرئيس التنفيذي في عام 2016.
في نوفمبر من عام 2022، نشرت بالنسياغا حملتها الخاصة بالأعياد والتي لقيت رد فعل عنيف على الفور. حيث بدأ الناس يقاطعون العلامة التجارية ويهاجمونها.
بعد أيام من انتشار الحملة على نطاق واسع، اعتذرت بالنسياغا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: "نحن نعتذر بصدق عن أي إساءة قد تكون سببتها حملتنا الخاصة بالأعياد. لا ينبغي أن يتم عرض حقائب الدببة الخاصة بنا مع الأطفال في هذه الحملة. لقد قمنا على الفور بإزالة الحملة من جميع المنصات". علاوة على ذلك، أصدرت بالنسياغا بياناً مطولاً إضافياً تم توقيعه من قبل سيدريك شاربي وذكرت فيه خطة عملها المستقبلية.
ثم نشر ديمنا اعتذاراً شخصياً أيضاً أكد فيه موقفه من هذه المسألة وتعهد بأن الحملة لم يكن لها أي نوايا سيئة. في 8 فبراير 2023، أعلنت بالنسياغا ومؤسسة كيرينج عن شراكة متعددة السنوات مع التحالف الوطني للأطفال.
جلس موقع عود. كوم مع سيدريك شاربي، الرئيس التنفيذي لشركة بالنسياغا لمناقشة الإبداع والأزياء ومستقبل العلامة التجارية في الشرق الأوسط، إضافة إلى الأخطاء التي حدثت في حملة الأعياد لعام 2022.
كيف كان العمل في بالنسياغا وكيف تخطط لمستقبل العلامة التجارية؟ كيف تفكر وترغب في دفع بالنسياغا إلى الأمام؟
في عام 2016، انضممتُ إلى بالنسياغا، واكتشفتُ عالماً من الإبداع لا مثيل له. لم يكن تراث الدار العريق مجرد جمال وأناقة راقية، بل كان رحلة عبر ابتكارات رائدة أعادت اختراع تصميم الأزياء. كريستوبال بالنسياغا، مؤسس الدار،غيّر طريقة ارتداء الناس لملابسهم. وكان يعتبر سيد كل من يعمل في مجال تصميم الأزياء، فتصاميمه كانت جريئة، ولكنها دائماً متوازنة بين الجمال وتحدي الحدود لما يعتبر جميلاً.
لقد كانت رؤية كريستوبال وإرثه ملهمين للغاية بالنسبة لي كرئيس تنفيذي، حيث وضع الإبداع في الصدارة واحتضن نظرة عصرية للأناقة. لطالما كانت بالنسياغا حلماً بالنسبة لي. لقد شكلت مصدر إلهام لا ينضب، وكنتُ معجباً دائماً بجرأة كريستوبال في التصميم وحرفيته الاستثنائية. وأذكر أنني استخدمت رؤيته كأمثلة على التصاميم الأكثر شهرة وجرأة، سواء من وجهة نظر الموضة أو صناعة الأزياء. عندما تدخل إلى بالنسياغا، فإنك تعبر بوابة تاريخ الأزياء الراقية.
لطالما كان الإبداع هو جوهر علامة بالنسياغا التجارية، ولا يزال هذا هو الحال حتى اليوم. فمع وجود ديمنا كمدير إبداعي، تمكنت العلامة من احتلال مكانة بارزة في عالم تصميم الأزياء الراقية. أقوم أنا بتشكيل العلامة التجارية من الناحية التجارية، بينما يمتلك ديمنا الرؤية والقيادة الإبداعية. نحن نعمل كفريق واحد متكامل لضمان انسجام رؤيتي مع رؤيته. واجبنا هو احترام تراث الدار وحمايته وإبرازه وجعله ملائماً لعصرنا الحالي. أحد أفضل الأمثلة على ذلك كان في عام 2021 عندما قررنا إعادة إطلاق تصميم الأزياء الراقية في صالونات الأزياء الراقية الأصلية لكريستوبال بالنسياغا في 10 شارع جورج الخامس. تم ترميم الصالونات لتعكس تصميماتها الداخلية عندما كان مؤسس الدار يعمل ويعرض مجموعاته من عام 1937 إلى عام 1968. مثلت هذه الخطوة بداية عملية نقل العلامة التجارية مرة أخرى إلى مسقط رأسها في باريس، بمناسبة المجموعة الخمسين من الأزياء الراقية للدار، وأول مجموعة لديمنا. لقد كانت هذه طريقة لنقول من نحن ومن أين أتينا كعلامة تجارية، وللتأكد من منح رؤية ديمنا الفرصة للوصول إلى مستوى آخر، وهو الجزء الأعلى من هرم التصميم.
في هذا المستوى، يمكن التعبير عن النفس بأعلى حرفية وأعلى إبداع ومن زاوية جديدة. أنا أؤمن بقرارات العمل طويلة المدى، وكان من واجبنا إعادة ذلك إلى بالنسياغا.
لمواصلة هذا الإرث، قمت ببناء فريق من قادة الصناعة الأكثر إثارة من جميع أنحاء العالم. كانت الفكرة هي اقتراح طريقة جديدة للناس للتفكير في الموضة والأزياء. في بالنسياغا، كل شيء ممكن، ونحن على استعداد لإعادة تعريف الفخامة. أنا أؤمن بأهمية الابتكار وبأن هناك مجالاً للتعلم في كل مكان. يعد احترام ومعرفة ثقافات العالم المختلفة أمراً حيوياً لتشكيل آراءك وقيمك الخاصة.
للمضي قدماً، أريد أن تصبح بالنسياغا قوة في الأزياء الراقية التي تستحقها. أنا مؤمن بشدة بأن إمكاناتنا هائلة، بدءاً من الأزياء الراقية ووصولاً إلى الملابس النهارية الأكثر تميزاً.
أخبرنا عن بالنسياغا في الشرق الأوسط، ما مدى أهمية سوق الشرق الأوسط بالنسبة إلى بالنسياغا؟ لماذا؟ وكيف تراها تنمو؟
لطالما حظيت علامتنا التجارية بالنسياغا بمحبة كبيرة من عملائنا في الشرق الأوسط، وخاصةً في الكويت. يتميز عملاؤنا الكويتيين بذوقهم الرفيع وشغفهم بالموضة، ويقدرون أسلوبنا الفريد الذي يجمع بين الاحترام، والجرأة والإبداع والمفاجأة. كما يُقدرون تصميماتنا الأصلية والخالدة، مما يجعل بالنسياغا علامة تجارية مميزة للغاية ومطلوبة بشدة من قبلهم، سواء داخل الكويت أو حول العالم.
ومن الجدير بالذكر أن الكويت كانت من أوائل المناطق التي احتضنت علامة بالنسياغا منذ نشأتها، حيث حققنا نمواً مستمراً على مر السنين لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتنا. بدأنا بمتاجر داخل متاجر متعددة الأقسام، ثم انتقلنا إلى افتتاح متاجر مستقلة، وأخيراً افتتحنا متاجر رئيسية تديرها بشكل مباشر.
لدينا الآن ثلاثة متاجر في الكويت موزعة في أنحاء البلاد، بالإضافة إلى متاجر أخرى في دبي وأبو ظبي والدوحة ومؤخراً في جدة والرياض. نعمل مع أفضل الشركاء في المنطقة الذين دعمونا في هذه الرحلة، وقمنا بتطوير فريقنا من خلال توظيف أفضل المواهب في السوق. ونفتخر بعلاقاتنا القوية والأصيلة مع عملائنا في الشرق الأوسط.
تتمتع منطقة الشرق الأوسط بخصوصية مميزة فيما يتعلق بعلامتنا التجارية بالنسياغا، وهي تتمثل في ولاء العملاء الرائع. نشعر بالفخر والامتنان لوجود مثل هذه العلاقات الرائعة والحقيقية مع عملائنا، الذين أصبح بعضهم أصدقاء مقربين لبالنسياغا. إن حبهم لدارنا يُعدّ كنزاً ثميناً، وقد جمعتنا لحظات لا تُنسى للاحتفال بالعلامة التجارية معاً.
ما هو برأيك الخطأ الذي حدث في حملة 2022 المثيرة للجدل؟
نؤكد على أنه لم يكن هناك أي نية متعمدة لإثارة الصدمة، بل كان ذلك خطأً في تقدير من جانبنا. لقد واجهت الحملة الرقابة على مستويات متعددة، مما يُظهر أن المشكلة كانت أعمق من مجرد إهمال. فقد مرت الحملة بمختلف الأقسام بالمؤسسة من فرق الإبداع والاتصالات إلى الفرق الإقليمية بالتجزئة، دون أن يتم رصد هذه الأخطاء.
على الرغم من اصرارنا على استخدام مستندات وهمية لإعادة إنشاء بيئة مكتبية، إلا أنه تم استخدام بعض المستندات الحقيقية عن طريق الخطأ. كما نشأ الجدل من عناصر تبدو غير ضارة مثل الدبدوب الموجود في الصور.
في النهاية، كان ذلك فشلاً في الإشراف على الفرق المختلفة، وخطأً في التقدير، ولهذا السبب، تحملنا المسؤولية الكاملة وقدمنا اعتذاراً. ونعتذر هنا مرة أخرى.
على مر السنين، كلما تلقت إحدى العلامات التجارية رد فعل عنيف نتيجة لفضيحة ما، فإنها تلجأ إلى الاستغناء عن الفريق الإبداعي، وخاصة المدير الإبداعي. لماذا لم يتم إجراء تغيير في بالنسياغا؟
أتحمل أنا كرئيس تنفيذي، ونحن كمجموعة، المسؤولية الكاملة عن الأخطاء التي وقعت في حملتنا الإعلانية الأخيرة. لا نلقي اللوم على شخص واحد، لأن ذلك يتعارض مع مبادئنا الأساسية. فنحن نعمل دائماً كفريق واحد، ونتحمل مسؤولية أعمالنا بشكل جماعي.
وقد نشر ديمنا، المدير الإبداعي للعلامة التجارية، اعتذاراً شخصياً أكد فيه موقفه من هذه المسألة. حيث تعهد ديمنا بأن الحملة لم تكن بها أي نوايا سيئة، وأن التزامه كمدير إبداعي يقتضي خدمة العلامة التجارية وتقديم مساهمات كبيرة تستمر في إعادة تعريف مفاهيم الفخامة والجمال.
ما هي خطتك للمضي قدماً مع بالنسياغا؟
لقد عملنا بلا كلل لوضع تدابير داخلية وخارجية جديدة لضمان مراجعة جميع الموافقات على الحملات الإبداعية بدقة وعناية. كما أننا نتعاون الآن مع وكالات متخصصة جديدة في جميع الأسواق لمراجعة وتقييم محتوى جميع حملاتنا، مما يسمح لنا بدمج وجهات نظر مختلفة. وبصرف النظر عن الحملات التسويقية، نركز الآن على مجموعاتنا القادمة وننتظر بفارغ الصبر مشاركتها مع مجتمعنا من عشاق الموضة والتصميم في جميع أنحاء العالم.
ما الذي تتطلع عليه في منطقتنا؟
قمنا للتو بافتتاح أكبر متجر لعلامة بالنسياغا في العالم في دبي، وأنا هنا للاحتفال بالعلامة التجارية وعلاقتنا مع عملائنا في الشرق الأوسط.
يُعدّ المتجر الجديد، الذي تبلغ مساحته 600 متر مربع، أكبر متجر لنا في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ويقدم عرضاً شاملاً لجميع فئاتنا الرجالية والنسائية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من القطع المميزة.
خلال الأشهر القليلة الماضية، قمنا بافتتاح ثلاثة متاجر جديدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك متاجر في المملكة العربية السعودية في جدة والرياض.
يعكس هذا التوسع الطلب القوي على علامة بالنسياغا في المنطقة، والشغف الكبير بنهجنا الفريد والإبداعي في مجال الأزياء الراقية. ولن نتوقف عند هذا الحدّ، حيث نخطط لافتتاح متجر آخر في الرياض لاحقاً في هذا العام، ليكون أكبر متجر لنا في المملكة العربية السعودية.
وبمناسبة افتتاح هذا المتجر الجديد، قدمنا لأول مرة في الشرق الأوسط مجموعتنا من الأزياء الراقية التي حظيت بإعجاب كبير من قبل عملائنا المخلصين. تُعدّ هذه المجموعة تجسيداً مثالياً للحرفية والجودة اللتان تُميّزان علامتنا التجارية، وهي مستوحاة من تراث مؤسسنا كريستوبال بالنسياغا، الذي كان يُعتبر أحد روّاد الأزياء الراقية.
حدثنا عن مجموعة صيف 24 للعلامة التجارية التي ظهرت على المدرج في وقت سابق من شهر أكتوبر. ما هو مصدر الإلهام الرئيسي وراء هذه المجموعة والعرض نفسه؟
مجموعة صيف 24 هي مجموعة ديمنا الأكثر شخصية وأصالة. إنها إضافة لصياغة الملابس والتعبير الشخصي. كانت المجموعة والعرض يدوران حول تأسيس رؤيته الإبداعية على المدى الطويل. الطريقة التي أعاد بها تعريف الرفاهية ووضع أجندة جديدة في الموضة.
كان العرض الذي رافق المجموعة عبارة عن رحلة غامرة عبر تاريخ بالنسياغا، حيث استوحى ديمنا من أرشيف العلامة الغنيّة وأعاد تعريف الرموز الكلاسيكية بطريقته الخاصة.
ومن أبرز ما تضمنته المجموعة حقيبة روديو الجديدة، التي أصبحت بالفعل قطعة كلاسيكية فورية حظيت بإعجاب كبير من قبل محبي الأزياء في جميع أنحاء العالم.
كانت هناك مناقشات حول تركيز بالنسياغا على تعزيز العلاقات مع إرث المؤسس كريستوبال بالنسياغا. بهذا الصدد، ما الذي يمكن أن نتوقع رؤيته خلال المواسم القادمة من الدار؟
يُعدّ الارتباط بتراثنا أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لنا في بالنسياغا، فنحن نُقدّر إرثنا الغني ونحرص على اغتنام كل فرصة للاحتفال به.
في حفل توزيع جوائز الأوسكار الأخير، تجسّد هذا الارتباط بشكل رائع من خلال إطلالة الممثلة كاري موليجان، حيث ارتدت نسخة مذهلة من فستان الفلامنكو الذي صممه كريستوبال بالنسياغا عام 1951.
أؤمن إيماناً راسخاً بالإبداع والحرية، وأرى أنه من واجبنا التفكير على المدى الطويل، والتصرّف برؤية ثاقبة للمستقبل، خاصةً بالنسبة لعلامة تجارية عريقة مثل بالنسياغا التي يمتد تاريخها لأكثر من 100 عام. يتطلب ذلك منّا التركيز على الخطوات التي ستدفعنا نحو المستقبل، مع الحفاظ على ذاكرة الماضي، أشعر بحماس خاص لرؤية عودة حقيبة "City Bag" بهذه الطريقة المميزة.
من وجهة نظري، تبقى بالنسياغا العلامة التجارية الأكثر إثارةً للاهتمام وإبداعاً في عالم الأزياء، ونحن نسعى جاهدين للمضي قدماً للتطور والإستمرار، مع الوعي الكامل بوجهتنا ومنشأها.