إليزابيتا فرانكي ربيع وصيف 2026: حوار الأنوثة بين النور والظل

Sep 29, 2025

No items found.

مقالات رشا الصباح

في ميلانو، داخل قصر أتشيربي العريق، اختارت إليزابيتا فرانكي أن تفتتح مقرّها الجديد وتكشف عن مجموعة ربيع وصيف 2026. خطوةٌ تحمل أكثر من مجرد انتقال مكاني، إنها إعلان عن بداية فصل جديد يجمع بين ثقل التاريخ ووعود المستقبل. فالجدران التي كانت شاهدة على الغموض والأساطير، أصبحت اليوم خلفية لحوار بصري بين النور والظل، بين القوة والأنوثة، وبين الماضي والحاضر.

منذ اللحظة الأولى، تبدو المجموعة وكأنها تكتب قصيدة للمرأة الحديثة: امرأة حرة، آسرة، واثقة بنفسها، تعبر بخطواتها بين الرقة والصلابة، بين الخفة والرسوخ. الأقمشة تنسدل بلا قيود، فتارةً نجد التريبولينو والجلد يلتفان على الجسد بقوة، وتارةً نرى الأورجانزا والتول يبعثان انطباعًا بالانسياب والشفافية. أما الشراشب فتتحرك بتمرد أنيق، أشبه ما تكون بترجمة ملموسة للحرية.

أكثر ما لفتني في المجموعة هو ذلك التوازن الدقيق بين الحسية والعملية. الفساتين الانسيابية تتناغم مع سراويل الكابري والتنانير منخفضة الخصر، فيما تمنح السترات المُفصّلة حضورًا قوياً للأكتاف. المعاطف، سواء كانت مزدوجة الأزرار أو ترنش فضفاض، لا تكتفي بتأطير الإطلالة، بل تُعيد تعريف فكرة الأزياء الخارجية لتجمع بين الاحتواء والجاذبية. حتى الدنيم بدا مختلفًا، مشاغبًا، متحرراً، وكأنه دعوة للاحتفاء بالمدينة والحياة اليومية.

أما لوحة الألوان فجاءت في لعبة من التناقضات: الأسود القوي، والأصفر الزبدي، والوردي الناعم، مع لمسات من الكاكاو والطيني. مزيج يؤكد مرة أخرى على قدرة الدار على تحويل البساطة إلى أيقونة. الإكسسوارات بدورها لم تكن مجرد إضافات، بل عناصر مكملة للهوية: حقائب تنبض بالحركة، وأحذية تجمع بين النابا والشامواه وتأثيرات جلد النعام، وصولاً إلى مجوهرات جريئة تفرض حضورها عبر طبقات من الأساور المعدنية.

ما أعجبني حقًا هو كيف ترجمت فرانكي مفردات مثل "التمكين" و"الأنوثة" و"القوة" إلى لغة بصرية ملموسة. لم تكتفِ المجموعة بأن تُلبس المرأة، بل منحتها رواية تحملها معها. إنها أزياء لا تخفي بل تكشف، لا تقيد بل تحرر، لتجعل من كل إطلالة مساحة للتعبير عن الذات.

بهذه الرؤية، تؤكد إليزابيتا فرانكي أن الموضة ليست زينة عابرة، بل بيان شخصي وفني في آن. مجموعة ربيع وصيف 2026 هي مرآة لامرأة تعرف كيف تسرد قصتها، وتحوّل الأزياء إلى هوية تعيش وتتنفس.