أصوات من أجل العدالة: نساء كويتيات خلف حملة إلغاء المادة 153

May 14, 2025

الملابس والمجوهرات: هارفي نيكولز كويت، مكياج: حصة الصانع، شعر: ID beauty refiner، تصوير: باتريك صوايا

في مجتمع يشهد تحولات متسارعة نحو دعم حقوق المرأة وتعزيز العدالة الاجتماعية، برزت مجموعة من النساء الكويتيات كأصوات ريادية قادت واحدة من أبرز المبادرات الحقوقية في البلاد. د. العنود الشارخ، أميرة بهبهاني، سندس حمزة، وشيخة النفيسي، اجتمعن على هدف مشترك وهو إلغاء المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي، التي كانت تشرع ما يُعرف بـ "جرائم الشرف"

من خلال "حملة إلغاء المادة 153"، استخدمن أدوات الفن والثقافة للتوعية، وأحدثن حراكًا مجتمعيًا غير مسبوق تُوّج بانتصار قانوني تاريخي في شهر مارس عندما صدر مرسوماً أميرياً لإلغاء هذه المادة.

في هذا اللقاء الخاص لعود دوت كوم، نغوص معهن في تفاصيل الرحلة التي جمعت بين الشغف بالعدالة، الإيمان بالتغيير، والإصرار على أن يكون صوت المرأة حاضرًا ومؤثرًا في صياغة المستقبل.

في سياق "حملة إلغاء المادة 153" التي اجتذبت العديد من الناشطات والحقوقيات، تتنوع دوافع المشاركة والتحديات التي واجهها كل من ساهم في هذه المبادرة الحقوقية الهامة.

وقد عبّرت كل من السيدات الكويتيات المشاركات من خلال إجاباتهن عن إلهامهن العميق للمشاركة في هذه الحملة، حيث كانت دوافعهن الأساسية هي مواجهة القوانين العنيفة التي تهدد أمن النساء، وكذلك إحداث التغيير الفعلي داخل المجتمع الكويتي. على الرغم من التحديات العديدة، كانت الرسالة التي سعين إلى توصيلها للأجيال القادمة، خاصة للنساء هي الاستمرار في النضال من أجل الحصول على الحقوق وعدم الاستسلام.

ما الذي ألهمكِ للانضمام إلى "حملة إلغاء المادة 153"؟

قالت د. العنود الشارخ: كنت في حالة صدمة عندما اكتشفت وجود قوانين عنيفة كهذه في قانون الجزاء الكويتي، وأنه لا توجد موارد أو دعم كافٍ للناجيات من العنف الأسري في الكويت.

وأجابت أميرة بهبهاني: ما دفعني للانضمام إلى الحملة هو المرأة المقاتلة والناجية بداخلي.

ما هو أكبر تحدٍ واجهتهِ خلال هذه الرحلة؟

تقول د. العنود: كان أكبر تحدٍ هو نقص الوعي حول الحقوق القانونية ووجود هذه المواد التي تهدد سلامة النساء بشكل عام. كما أن هناك فكرة مغلوطة بأن العنف الأسري يقتصر فقط على أفراد من خلفيات اجتماعية، اقتصادية، أو تعليمية معينة، أو أن هناك نوعًا من العنف يُعتبر طبيعيًا ومقبولًا.

أما بالنسبة لأميرة بهبهاني فقد كان التحدي الأكبر برأيها هو نشر الوعي في المجتمع وإقناع نواب البرلمان بخطورة هذه المادة.

وقالت سندس حمزة: أصعب جزء لم يكن مجرد تغيير قانون، بل كان كسر الصمت حوله. كان مواجهة مجتمع قد اعتاد هذا الظلم لفترة طويلة لدرجة أن الكثيرين لم يدركوا مدى خطورة المادة 153.

كأم، تحطم قلبي عندما علمت أن بناتي يكبرن في مكان يمكن فيه لرجل قتل امرأة من عائلته أن يظل طليقاً. لم أستطع البقاء صامتة، وترك الأمر للأجيال القادمة لتتعامل معه. هذا ما دفعني للاستمرار، حتى عندما شعرت أن الأمر مستحيل.

ما الرسالة التي تأملين في تركها للأجيال القادمة من خلال هذا العمل؟

د. العنود: من واجبنا كمواطنين أن نبدأ تغييرًا محترمًا وتعاونيًا يتماشى مع شغفنا وقيمنا من خلال القنوات القانونية المتاحة لنا. قد لا يحدث التغيير بين عشية وضحاها، ولكن من خلال الإصرار، يمكن ويجب أن يحدث التغيير.

أميرة بهبهاني: قاتلوا من أجل حقوقكم ومعتقداتكم – لا تفقدوا الأمل أبدًا، خاصة إذا كنتم نساء.

سندس حمزة: أريد لكل شابة أن تدرك أن حياتها وصوتها وكرامتها ذات قيمة كبيرة. لا تقبلي بما هو مكسور لمجرد أنه كان دائمًا هكذا، لديكِ القدرة على الوقوف والمطالبة بالتغيير. وأريد لكل أم أن تعرف أن لديها القوة لحماية أطفالها، وليس فقط ذلك، بل لحماية الآخرين أيضًا. إذا كان هناك شيء تعلمته بناتي من خلال هذه الرحلة، فآمل أن يكون أن العدالة تستحق النضال من أجلها، مهما طال الزمن.

كيف تعتقدين أن المادة 153 قد أثرت على النساء والمجتمع في الكويت؟

تقول د. العنود: أعتقد أن إلغاء هاتين المادتين مؤخرًا، 153 و182، ورفع سن الزواج يغير العديد من المفاهيم حول مكانة النساء في مجتمعنا وكيفية رؤيتهن والتمييز ضدهن. كما أن هذا يعكس أن بعض الممارسات لن تُحتمل قانونيًا أو اجتماعيًا بعد الآن، حيث كان العنف يُبرر أو يُعتبر أمرًا طبيعيًا، كما كان يحدث قبل ذلك.

أميرة بهبهاني: أولًا، جعلت النساء يدركن وجود مثل هذه الجرائم والكثير من المواد الأخرى التي تشجع على الإساءة، وثانيًا، جعلتهن أكثر دراية بحقوقهن كنساء وفتح لهن المجال للتحدث عن ذلك.

سندس حمزة: لم تضر النساء فقط—بل أضرت بروح مجتمعنا. لقد منحت الرجال إذنًا لإلحاق الأذى، وأعطت النساء أسبابًا للبقاء صامتات. خلقت الخوف، والعار، والظلم العميق الذي عشنا معه لعقود. كانت المادة 153 تقول لأجيال من الفتيات أن حياتهن ليس لها قيمة. الآن بعد أن زالت، لدينا مسؤولية لإعادة بناء شيء أفضل، شيء يخبر كل امرأة وفتاة: أنتِ محمية، أنتِ محترمة، وحياتكِ مهمة.

رؤية فردية، تأثير جماعي

في هذا الجزء من المقابلة، نسلّط الضوء على الأجوبة الشخصية لكل السيدات المشاركات في حملة إلغاء المادة 153، حيث أجابت كلٌّ منهم عن مجموعة من الأسئلة التي تعكس وجهة نظرها الفردية، وتجربتها الخاصة في "حملة إلغاء المادة 153"، لتكشف لنا عن الأبعاد القانونية، الثقافية، والإنسانية التي شكّلت هذه المبادرة الرائدة.

د. العنود الشارخ

كيف ترتبط حقوق المرأة بإصلاح القوانين الجنائية؟

لا يمكن تمكين المرأة من دون إزالة كل ما يسلبها هذا التمكين، بدءًا من العوائق القانونية. عندما تكون هناك قوانين تُسهِم في خلق بيئة غير آمنة، أو غياب قوانين تدعم وتحمي، فإن ذلك يؤثر مباشرةً على مكانة المرأة في المنزل، وفي الشارع، وفي بيئة العمل. علينا أن نبدأ بإزالة القوانين من قانون الجزاء التي تهدد النساء وتُميّز ضدهن وتُسهم في تطبيع العنف، وذلك كجزء أساسي من أي حركة تهدف إلى التمكين.

ما الذي دفعكِ شخصيًا لدعم "حملة إلغاء المادة 153"؟

كنت منخرطة في الحراك الذي طالب بإدماج المرأة سياسيًا في أوائل الألفينات، وعندما حصلنا على حقوقنا السياسية في 2005، بدأت في البحث عن القوانين التي تحتاج إلى تعديل لأنها تُميّز ضد المرأة، ليتمكن الناخبون والنواب من العمل على تغييرها. خلال ذلك، صدمت بوجود مادة في قانون الجزاء تشرع ما يُعرف بجرائم الشرف، وهي المادة 153. استغرق الأمر ما يقارب عشر سنوات حتى نضجت الظروف لإطلاق الحملة، إلى أن وجدت الشريكة المناسبة، وهي الشيخة لولو مبارك جابر الأحمد الصباح، التي آمنت بالفكرة ودعت مجموعات مختلفة إلى منزلها لأعرض فكرة الحملة ونبدأ حوارًا أوسع حول إنهاء العنف. ومن هنا، انضمت إلينا الشريكات المؤسِسات الأخريات: أميرة بهبهاني، سندس حمزة، وشيخة النفيسي.

كيف أثّرت خلفيتكِ الأكاديمية في رؤية الحملة؟

من خلال خلفيتي الأكاديمية، استفدنا من دراسات علمية واستطلاعات دقيقة استخدمناها في جهود الضغط؛ على سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أن أكثر من 60٪ من الكويتيين يؤيدون إلغاء المادة 153، وأخرى أظهرت أن هناك حاجة ملحة لمعالجة ظاهرة العنف الأسري في الكويت. كما نشرنا العديد من الأبحاث الأكاديمية حول العنف الأسري والإصلاح القانوني لمفهوم جرائم الشرف، واستفدنا من التعاون مع أكاديميات وناشطات من المنطقة والعالم، ووضع خطط تدريب ورفع الوعي لهذه القضية من خلال الدورات والفعاليات. أؤمن بأن كل مؤسِّسة أضافت من خبراتها الخاصة للحملة، وكانت هذه هي مساهمتي.

من خلال تجربتكِ، كيف يُمكن للإصلاح القانون يأن يقود إلى تغيير اجتماعي حقيقي؟

القانون يُدخل العقوبات على بعض السلوكيات، مما يساعد على الحد منها، لكنه لا يزيلها تمامًا. لكنه يرسل رسالة اجتماعية واضحة حول ما هو مقبول أو غير مقبول، وغالبًا ما يتأثر الناس بهذه الإشارات. فعلى سبيل المثال سعينا لسنوات طويلة لوضع قانون حماية من العنف وقد أصبح هذا المطلب واقع منذ عام ٢٠٢٠ ولكن يجب أن يتبع التغيير القانوني تطبيق عادل وسريع، بالإضافة إلى رفع الوعي على جميع المستويات، ومن هناك يمكن أن يحدث التغيير الاجتماعي بشكل عضوي.

ما هي العقبات الثقافية أو الفكرية التي واجهتها؟

واجهنا سوء فهم شائع بأن بعض هذه القوانين مستمدة من الدين أو التقاليد، وهذا غير دقيق. تطلّب الأمر سنوات من الشرح لتوضيح أن العديد من هذه القوانين جذورها ليس لها علاقة بديننا أو تقاليدنا، وبعضها مثل المادة 153، ينتهك الشريعة والدستور. كما واجهنا تحديات في الوصول إلى صانعي القرار، فبخلاف الرجال لم يكن بإمكاننا اللقاء بهم في "الديوانيات"، لكننا تلقينا دعمًا كبيرًا من مشرعين ومشرعات، ونحن ممتنّون لذلك. واليوم نحن ممتنون لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولولي العهد وللمجهود الذي بذله معالي وزير العدل ناصر السميط لتحقيق هذه التغييرات التي أنصفت المرأة الكويتية وعززت مكانتها.

كيف يمكن للبحث الأكاديمي أن يدفع بالإصلاحات القانونية في العالم العربي؟

البحث العلمي يمكن أن يقدّم حججًا مضادة للسلوكيات والأفكار الاجتماعية التي يُنظر إليها كأمر واقع، لكنها في الحقيقة غير مقبولة. ومع ذلك، لكي يكون للبحث تأثير حقيقي، يجب أن يكون متاحًا للعامة بطريقة تفاعلية، لا أن يظل حبيس النظرية أو قاعات الجامعات فقط.

شيخة النفيسي

ما مدى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في نجاح "حملة إلغاء المادة 153"؟

ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على تسليط الضوء على قضية قانونية غير معروفة نسبيًا، خاصة لدى الشباب الكويتي والمجتمع الحقوقي العالمي. من خلال منصات مثل إنستغرام وتويتر وفيسبوك، تمكنّا من تبسيط المادة 153 بلغة مفهومة، ورفع مستوى الوعي بعواقبها. هذه المنصات حوّلت الظلم المحلي إلى قضية وطنية، وأعطت الناس العاديين أدوات للمطالبة بالتغيير وإسماع صوتهم.

برأيك، كيف أسهمت وسائل التواصل في تضخيم صوت الحملة؟

منحت وسائل التواصل "حملة إلغاء المادة 153"منصة عالمية، واستقطبت انتباه منظمات حقوق الإنسان، وصحفيين، ومؤثرين من جميع أطراف الكويت ومن خارجها أيضاً. هذا الدعم المتنوع زاد من الضغط على المشرعين، الذين قدموا مشروع قانون لإلغاء هذه المادة أكثر من مرة في مجلس الأمة الكويتي، وأضفى شرعية على القضية.

كيف بدأتِ الانخراط في الحملة؟

من اللحظة التي سمعت فيها عن هذا القانون الفظيع، أصبحت واحدة من المؤسِّسات.

ما هو المفتاح للحفاظ على الضغط المجتمعي من أجل حقوق المرأة؟

أعتقد أن الاستمرارية في رواية القصص بشكل مرئي وواضح، وربط القوانين بالناس الحقيقيين وتأثيراتها الواقعية، هو السر. مشاركة قصص الناجيات عبر وسائل التواصل دائمًا ما تجذب الانتباه!

كيف تصفين ردّة فعل الشابات تجاه الحملة؟

عادة ما تكون ردّة فعل الشابات عند اكتشاف المادة 153 مزيجًا من الصدمة والغضب، يليها شعور بالقوة. بعد الصدمة الأولى، تشعر الكثير من النساء بدافع للعمل، فيشاركن المعلومات، وينخرطن في الحملات، ويستخدمن أصواتهن للمطالبة بالتغيير. هذا التحوّل العاطفي هو ما يمنح "حملة إلغاء المادة 153" قوّتها الشعبية. فهو يُحوّل الوعي إلى فعل.

أميرة بهبهاني

كيف ساعد الفن والثقافة في نشر رسالة "حملة إلغاء المادة 153"؟

الفن هو صوت السلام.

كيف تمزجين بين الإبداع والنشاط الحقوقي في عملكِ؟

كنت أواجه تحديات داخلية لطالما أردت التعبير عنها، لكنني لم أكن أعرف كيف، حتى بدأت بالرسم. الفن سهل عليّ التحدث من خلال وسائطه.

هل يمكن للفن أن يُحدث تأثيرًا حقيقيًا في قضايا اجتماعية وقانونية جادة؟

بالطبع يمكن له ذلك. فلطالما ناضل الفنانون من أجل حقوقهم من خلال فنهم، وهم حاضرون في كل معركة يؤمنون بها. الفن يمنح الفنان الشجاعة والصوت.

كيف كانت ردّة فعل الناس تجاه استخدام الفن لتسليط الضوء على موضوع حساس كهذا؟

لم تكن البداية سهلة أو مفهومة؛ كثيرون لم يدركوا لماذا نستخدم الفن في قضية بهذه الجدية، لكن لاحقًا أصبح الفن أداة الجميع للتعبير والمناصرة. أصبح جمهورنا ينتظر عروضنا السنوية التي نقدم من خلالها أشكالًا مختلفة من الفنون.

ما التحديات التي واجهتكِ في استخدام الفن كشكل من أشكال النشاط الحقوقي؟

كان هناك من لا يؤمن بقيمة الفن، ولا بالفنانات. لكن الآن تغيّر كل شيء بعدأن أثبتنا العكس.

ما النصيحة التي تقدمينها للفنانين الراغبين في التفاعل مع قضايا اجتماعية؟

على الفنانين أن يؤمنوا بما يفعلون، وألّا يستسلموا أبدًا.

سندس حمزة

من منظور قانوني، ما مدى ضرورة إلغاء المادة 153؟

بصفتي مواطنة كويتية، أؤمن بدستورنا—خصوصًا المادة 29 التي تضمن المساواة والكرامة للجميع. لكن المادة 153 من قانون العقوبات خانت هذا الوعد، إذ سمحت بجرائم القتل بدافع "الشرف" دون عقاب.
لقد خلقت هذه المادة فجوة قانونية قلّلت من قيمة حياة المرأة. الكويت صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلاهما يكرّس مبادئ المساواة وحقوق الإنسان. ومع ذلك، خالفت المادة 153 هذه الالتزامات، فحمت الجناة بدلاً من الضحايا.
كما أنها أساءت تمثيل الإسلام، الذي يُعلي من قيمة الحياة ويرفض القتل خارج إطار القانون. لا أساس لجرائم "الشرف" في الشريعة أو العدالة. إلغاء المادة 153 كان خطوة نحو استعادة نزاهتنا القانونية والأخلاقية.

هل قدّمتنّ حلولًا قانونية بديلة؟

نعم. دعمنا إلغاء المادة 153 لأن لا جريمة قتل يجب أن تُبرر بـ"الشرف". قتل امرأة يجب أن يُعامل كأي جريمة قتل أخرى من دون استثناءات أو أعذار. كما طالبنا بتشريعات خاصة بحماية النساء من العنف الأسري. يجب أن يحمي القانون الضحايا، ويُعرّف الجرائم بوضوح، ويُطبّق عقوبات صارمة على الجناة. هذه الإصلاحات ضرورية لضمان العدالة ووقف استخدام الدوافع الشخصية كمبرّر للعنف.

هل واجهتِ تحديات شخصية في الحديث العلني عن هذه القضية؟

بالطبع. مواجهة المادة 153 لم تكن خطوة شعبية بالبداية. تعرّضنا للانتقاد، والتهميش، وقيل لنا إننا نتمرّد على التقاليد. لكن حماية حياة النساء ليست خيانة للثقافة، بل مطلب للعدالة. ورغم المخاطر، بقينا ثابتات بدعم من أصوات شجاعة محلية ومنظمات حقوق إنسان دولية.

 كيف كان تفاعل منظمات حقوق الإنسان مع الحملة؟

حظينا بدعم كبير منذ البداية، سواء من منظمات المجتمع المدني أو من رجال ونساء في مواقع صنع القرار، أو حتى من مواطنين ومواطنات آمنوا بقضيتنا.
في البداية، شعر الكثيرون في الكويت بالصدمة عند اكتشافهم وجود جرائم"شرف" أو فجوات قانونية كالمادة 153، بل حاول بعضهم إنكار ذلك فكان الموضوع من المحرّمات وتعرّضنا للانتقاد. لكن بدعم مبكر من منظمات غير حكومية إقليمية ودولية، بدأت المطالب بإلغاء المواد 153 و182 و29 تكتسب تأييداً كبيراً. تغيّر الرأي العام تدريجيًا، وتحول الرفض إلى تضامن. وعندما أُلغيت المادة 153 أخيرًا في مارس 2025، كانت ردود الأفعال الدولية مبهرة فاحتفل الحلفاء والمنظمات التي وقفت معنا لسنوات بهذه الخطوة نحو العدالة.

ما الإصلاح القانوني أو السياسي الذي تطمحين لتحقيقه بعد ذلك؟

بصفتي مواطنة كويتية ملتزمة بالعدالة، أشعر بالفخر بما تحقق. إلغاء المادة 153 كان خطوة كبيرة إلى الأمام واليوم، ومع إلغاء المادة 182، نشعر براحة واعتزاز حقيقيين لصالح المرأة. هذه التغييرات تؤكد حقنا في الكرامة والحماية.
لكن لا يزال هناك عمل مطلوب. يجب معالجة المواد القانونية المتبقية، إلى جانب الحاجة الملحّة لتشريع واضح لمكافحة التحرّش، لضمان الحماية الكاملة والعدالة للجميع.
وبعيدًا عن ذلك، آمل أن تتبنى الكويت سياسات تدعم التوازن بين العمل والحياة وخاصة للأمهات. يشمل ذلك توفير حضانات ميسورة التكلفة، وإجازات والدية أطول، وساعات عمل مرنة، وأنظمة موازية تمكّن النساء من المساهمة دون أن يُجبرن على مغادرة سوق العمل. هذه خطوات أساسية نحو مجتمع أكثر صحة وشمولًا.

في ختام هذه المقابلة توجهنا إلى مؤسِّسات "حملة إلغاء المادة 153" لنسألهن عن رؤيتهن للمرحلة المقبلة، وتطلعاتهن الشخصية والمجتمعية بعد هذا الإنجاز القانوني والتوعوي البارز. عبرت كل من السيدات عن حماس واضح للاستمرار في العمل، والتركيز على قضايا لا تقل أهمية كالعنف والتحرش، مع أمل راسخ في مستقبل أكثر عدلاً للنساء في الكويت.

ما الخطوة التالية لحملة إلغاء 153؟

د. العنود: نرغب في التركيز على قضايا التحرش في بيئة العمل وفي الأماكن العامة، إذ نعتقد أن هذه المسألة لم تحظَ بالاهتمام القانوني والاجتماعي الكافي بعد. وسنواصل أيضًا دعم الناجيات من العنف الأسري وتمكين المرأة في مجالات أخرى.

أميرة بهبهاني: المزيد من التوعية، والمزيد من الانخراط مع المجتمع والحكومة.

شيخة النفيسي: الخطوة التالية هي سن قوانين أقوى ضد العنف الأسري، تحسين آليات التنفيذ، تقديم خدمات دعم للناجيات، وتعزيز الوعي المجتمعي لتغيير المفاهيم المتعلقة بالجنس والشرف.

سندس حمزة: ربما فزنا في المعركة القانونية، لكن العمل الحقيقي قد بدأ للتو. نحن بحاجة إلى حشد الدعم مع المنظمات غير الحكومية الأخرى لضمان تنفيذ وتطبيق قوانين حماية المرأة بشكل فعلي. كما أننا بحاجة للدفع من أجل قوانين جديدة، مثل تشريع شامل لمكافحة التحرش، لأن الخوف والصمت الذي تحمله العديد من الفتيات والنساء كل يوم ليس فقط محزنًا، بل إنه غير مقبول.

ماذا تقولين لامرأة تشعر بأن صوتها غير مسموع؟

تقول د. العنود: للأسف، هذه مشكلة عالمية. على النساء أن يبذلن جهدًا مضاعفًا ليُسمعن سواء في بيئة العمل أو في السياسة. المثابرة واللجوء إلى نساء أخريات وحلفاء من الرجال دائمًا ما يكون مفيدًا، لأن في التكاتف قوة.

أميرة بهبهاني: حاربي من أجل حقك. كثيرات مثلك ناضلن، وتم الاستماع إليهن في النهاية.

شيخة النفيسي: صوتكِ مهم.

سندس حمزة: أنتِ لستِ وحدكِ، وصوتكِ مهم—أكثر مما تم توجيهكِ للاعتقاد. استمري في الحديث، حتى وإن كان صوتكِ يرتجف. هناك نساء يستمعن، ونحن نبني مساحة لصوتكِ ليتردد.

كيف تتخيلين مستقبل القوانين الخاصة بالمرأة في الكويت؟

د. العنود: أنا متفائلة جدًا، خصوصًا بعدما رأينا سرعة التغيير القانوني والإصلاحات التي تحققت. المرأة الكويتية قوية بطبيعتها، وقد أنجزت الكثير بالفعل،وستحقق المزيد إذا أزيلت العوائق من طريقها.

أميرة بهبهاني: أعتقد أنه ستكون هناك تغييرات جذرية. ستُدرس القوانين بعناية لتشجيع وجود المرأة وتعزيز دورها في المجتمع.

شيخة النفيسي: أتصور أن مستقبل القوانين الخاصة بالمرأة في الكويت سيكون أكثر عدلًا وشمولًا، تُحترم حقوق المرأة بالكامل، وتُصان كرامتها في جميع قطاعات المجتمع.

سندس حمزة: كأم، وناشطة كويتية، كانت رحلتي مع حملة "إلغاء 153" معركة وُلدت من الحزن، واستمرت بقوة التضامن، وقادتها قناعة عميقة بأن الصمت في مواجهة الظلم ليس خيارًا أبدًا.

ما النجاح الذي تحبين رؤيته بعد عشر سنوات؟

د. العنود الشارخ: أتمنى أن أرى تمثيلًا أكبر للنساء من مختلف الخلفيات الاجتماعية في مواقع اتخاذ القرار والسياسات العامة.

أميرة بهبهاني: إلغاء المزيد من القوانين المسيئة، ورؤية نساء وعائلات أكثر سعادة.

شيخة النفيسي: بعد عشر سنوات، أتخيل الكويت كمجتمع تُحترم فيه حقوق المرأة بالكامل، وتُحفظ وتُصان في جميع قطاعات المجتمع.

سندس حمزة: أريد أن أرى الكويت حيث لا تنشأ فتاة تخشى العنف، حيث تحمي القوانين النساء دون استثناء، وحيث لا يحتاج المدافعون الشباب بعد الآن إلى الترافع من أجل الحقوق الأساسية—بل ستكون مضمونة.

في جملة واحدة، كيف تصفين رحلتك مع "حملة إلغاء 153"؟

د. العنود: رحلة تحوّلية.

أميرة بهبهاني: رحلة مليئة بالتحديات، مثيرة، وغنية بالمعرفة.

شيخة النفيسي: محطة قوية في مسيرة الكويت نحو العدالة والمساواة، حيث لم يعد يمكن استخدام "الشرف" كذريعة للعنف.